26 سبتمبر 2014


لطالما وقفت مشدوه البال٬ حائر الذهن أمام شباب اليوم لا أتبين لأقوالهم الطفولية شرحا و لا لأفعالهم المراهقة معنى .. يريدون ا لمال و السلطان و الجاه و هم قعود يضحكون يتمايلون .. و يريدون أسرة و أبناء و بيتا غاصا بالخدم و الحشم و هم فاغري أفواههم أمام الأفيشات و الملصقات و أفلام الحب و العشق و الهيام لا يتململون .. و يسعون وراء السيادة و الريادة و هم حتى على غرائزهم و أهوائهم لا يتحكمون .. فلا يرون أبعد من فخذ أنثى بض ناعم .. و لا يريدون أكثر من شفتين لدنتين يقبلانهما تحت شجرة ظليل .. فلا يصبحون أسيادا بل يصيرون عبيدا و مماليك ..
و لطالما تصورت يوم يصبح الشباب رجالا و تحمل أوزار العالم فوق مناكبهم، فأضرب كفا بكف و أقول : «ضاع ما بني .. و السلام عليكم»
و لطالما سألت نفسي و سألتهم : « ما بالكم يا شباب ؟! »
فيجيبون في ازدراء : « إنما الإنسان ابن بيئته .. و بيئتنا الكبيرة هي العالم .. ذاك العالم الشرير المقيت .. ذاك العالم الأهوج الهزيع .. »
و إنما هي إلا شعارات طنانة رنانة .. و ما هي إلا ضروب من الأباطيل ..
و العالم مظلوم مقهور .. فما هو بشرير و مقيت .. و ما هو بأهوج و هزيع .. و إنما هو سيف ذو حدين .. مرآة عاكسة للإنسان .. لذاك الإنسان الشرير البغيض المتواكل الكسول .. و ذاك الإنسان الخير المحسن السامي العامل .. 
و قولهم أن الإنسان ابن بيئته إنما هو هذيان .. و التاريخ شاهد على ذلك .. فكم من ملحد شب بين عشيرة مؤمنين  .. و كم من مؤمن ترعرع بين قوم من الملحدين .. 
ألم يظهر الأنبياء و الرسل بين عشائر من "الكافرين" ؟ .. أولم يخرج بعضهم من صلب "كفار" و خرج من صلب بعضهم "كفار" ؟ ..
ألم يكن ماركس من طبقة البورجوازيين ؟ أولم يثر على طبقته تلك و دافع عن حقوق البرولتريا التي سحقها آباؤه و محقها أجداده ؟ .. 
إن الإنسان ليس بابن بيئته البتة .. بل هو ابن شخصه و عقله و إرادته .. هكذا كنا منذ الأزل .. منذ الإنسان الأول.. 
و الآن .. إن سألني أحدهم عن الشباب، روافع المجتمعات، و سواعد الأقوام، و أمل الشعوب فسأجيبه في الحين : « شباب عقيم .. » 
رسالة أحدث
هذه اخر مشاركه.

0 التعليقات